الصفحة الرئيسية > واحه السلام > سكينه - المركز الروحي > حديقة المنقذين والمنقذات الدولية > يائير أورون
في ساحة منزل يائير، يبرز هناك بين الزهور التي كان يزرعها منذ سنوات، ركنًا تذكاريًا به
اشتال صغيرة تنمو داخل قنابل صوتية مستعملة، هذا ركن لذكرى باسم إبراهيم أبو رحمة،
ناشط فلسطيني الذي قُتل عام 2009 بقنبلة صوت القى بها جنود الاحتلال على متظاهرين
في قرية بلعين الفلسطينية. كان باسم مشاركًا في النضال ضد الاستيلاء على اراضي بلعين
لصالح الجدار العنصري الفاصل، انه نضال قاده فلسطينيون وانضم لمناصرتهم نشطاء يهود.
في كتابه "منقذو 1929" الصادر عام 2017، كتب يائير: "..... نحن على شفا الهاوية، ونقترب
من مرحلة اللاعودة. النضال ضد العنصرية هو مهمة صعبة للغاية، القضاء عليها يبدو
مستحيلاً، لكن يجب علينا مُحاولة تقليصها... " وأضاف: "إن قدسية قيمة الإنسان كإنسان،
قيمة حياتنا جميعاً متساوية كوننا بشرًا بلا استثناء: غجري، أرمني ، توتسي، فلسطيني
ويهودي - لقد ولدنا جميعًا على صورته. قام الأشخاص الذين اختاروا الإنقاذ، في رأيي،
بأسمى عمل بشري: لا يوجد امر أسمى منه. ممكن اعتباره "عمل إلهي". إن إحياء ذكرى
اعمال هؤلاء المنقذين في قريتنا هي تعبير إضافي عن رغبتنا في مواصلة نشر وتقديس هذه
القيم ... "
بحَث يائير على مدى سنوات ظاهرة الإبادة الجماعية، وفي السنوات الأخيرة قرر التركيز على
ظاهرة الرِفق والبحث عما يدفع الناس للقيام بأعمال الإنقاذ النبيلة في أوقات الحرب. بدأ
بتوثيق قصص الإنقاذ، ورأى أهمية تخليد وتكريم أولئك الذين تصرفوا بشجاعة وإنسانية اثناء
الحروب, المعارك والمجازر والإبادة الجماعية، وهذا كما جاء في كتابه، حتى "لا أكون من بين
الصامتين".
أفنى يائير سنوات عديدة من عمره, بالإضافة لنشاطات عديدة له, بالسفر إلى قرى عديدة في
بقاع العالم المختلفة، حيث جمع شهادات وقصص عن جماعات من الشركس الذين أنقذوا
يهوداً، وعن الأتراك الذين أنقذوا ضحايا من الأرمن، وعن الأرمن الذين أنقذوا يهوداً، وعن قبائل
التوتسي والهوتو الذين اجتازوا حدود مجموعاتهم من أجل حماية جيرانهم في رواندا. جمع يائير
القصص ووثقها بمجهود عظيم ونشرها في كتبه. كل هذا لإحياء ذكرى الأعمال البشرية النبيلة
التي تنبع من فكرة بسيطة، ولكنها غير مفهومة ضمنا ابداً، وهي قدسية وقيمة الحياة
البشرية.
نشر البروفيسور يائير أورون ما يقارب الأربعين كتابًا حول موضوع الإبادة الجماعية وتدريسها
في البلاد والعالم، بالإضافة إلى كتب عن الهويات اليهودية والإسرائيلية، وعن العلاقات اليهودية
الفلسطينية، وكما ذكرنا، عن روايات الإنقاذ. من الأحداث التي دفعت يائير الى اتخاذ خطوة
فعلية كان رفض مؤسسة "ياد فاشيم" الاعتراف بالمنقذات والمنقذين من قرية بسلنيي،
القرية الشركسية المسلمة التي انقذ اهلها الأطفال اليهود في الحرب العالمية الثانية.
معظمنا كُنّا سنغضب ونستمر قدماً في حياتنا، لكن يائير لم يرفع الراية البيضاء أمام
المؤسسة وقرارها.
في عام 2015، بادر يائير، مع مجموعة صغيرة من الصديقات والأصدقاء، لإنشاء حديقة
المنقذات والمنقذين في قرية واحة السلام بالمشاركة ودعم منظمة جاريفو Gariwo -Gardens
of righteous world wide: "حدائق الصالحين العالمية" التي تم انشائها في ميلانو من العام
2012 والتي تم الاعتراف بها دولياً.
توفر حديقة المنقذات والمنقذين منصة لإسماع وتكريم أصوات أولئك الذين قاموا بأعمال في
الماضي وأولئك الذين يعملون اليوم من أجل الآخرين، في بيئة تُعرض حريتهم وحياتهم للخطر.
هذه منصة تمكننا من خلق روح بديلة حول ماهية القدوات التي نحتذي بها، ومن هو البطل
والبطلة بنظرنا – ليس فقط من أجلنا ولكن أيضا من أجل الإنسانية والقيم العليا التي نتركها
للأجيال القادمة.