الصفحة الرئيسية > واحه السلام > سكينه - المركز الروحي > في ذكرى برونو هوسار
في الخامس عشر من شهر شباط أقمنا يوماً لذكرى مؤسس قرية واحة السلام نفي شالوم(1911-1996).
توجهنا الى بيت آن لمنيان للاجتماع معاً، وقد ذهب البعض لزيارة قبر المرحوم رغم الامطار الغزيرة التي إنهمرت في تلك الساعة. بعدها شاركنا باللقاء الذي دعانا إليه مركز سكينة/دومياه على شَرَف الاب "بول سومه" مدير دير اللطرون المجاور.
يرغب الاب بول بمشاركتنا في مناسبات خاصة منوعة وهو يدعم مدرستنا الابتدائية ولديه دعوة مفتوحة لكل المناسبات المدرسية.
كانت دعوتنا للاب بول هذه المرة ليحدثنا عن دير اللطرون وطرق المعيشة فيه.
كانت طريقة سَرد قصة الدير شيقة وممتعة إذ بدأ الاب بول يحكي عن تاريخ البناء الذي أُقيم سنة 1890 بمساعدة دير فرنسي يتبع لكنيسة الصامتين وهي حركة إنبثقت عن الفاتيكان.
دير اللطرون يُعتَبَر الوحيد من نوعه بين حدود ايطاليا من الغرب وحتى الهند من الشرق. في هذه الايام يدعم دير اللطرون إنشاء دير على سواحل بيروت في لبنان، لذا يكثرالأب بول من السفر الى هناك وذلك للاشراف على المكان.
يعيش في دير اللطرون اليوم 25 راهباً مِن 11 دولة. من عادة الرهبان في هذا النوع من الأديرة أن يستمروا في المعيشة بنفس الدير مدى الحياة، وعليه فان الاب بول يعيش في نفس الدير منذ 58 عاماً.
تأثر دير اللطرون ،كما المنطقة، من جراء أحداث صعبة من معايشة الأتراك ، الانجليز، الأردنيين ثم اليهود.
قتل خمسة من الرهبان الذين أقاموا في الديرأثناء الحرب العالمية الأولىالتي جرت سنة 1914-1918.
دخل الأتراك الدير، قاموا بالاستيلاء عليه وبطرد رهبانه، كما وقاموا بتخريب أثاثه ، حتى الأبواب والشبابيك لم تسلم من شرهم.
أعيد اعمار الدير من جديد وما ان انتعش حاله حتى اندلعت نيران حرب ال-1948 حيث قصف الدير مما اضطر الرهبان للاختباء في الأقبية تحت الأرض ولكن هذا لم يمنع وقوع ضحايا بينهم.
ان الوضع السياسي يؤثر بدرجة كبيرة على دير اللطرون، فالحدود اللبنانية مغلقة مما يصعب عملية زيارة الدير الشقيق في بيروت، كما ويمنع الوضع المعقد الشباب العرب من عملية الانضمام الى دير اللطرون أو حتى مجرد زيارته.
ان حياة الدير مبنية على الصلاة، العمل والدراسة. يبدأ الرهبان يومهم الساعة الثالثة فجراً وينهونه الساعة الثامنة مساءً( يعتمد التوقيت الصحيح على فصول السنة وموقع الشمس). يصلي الرهبان مدة 4-5 ساعات خلال النهار، ويقومون أثناء ذلك بالأعمال العادية من صيانة المكان العمل في كروم العنب وصنع النبيذ، وخلال هذا وذاك يتعلمون لمدة ساعات طوال يومياً.
هنالك في الدير مكتبة ضخمة تضم 40،000 كتاباً منها العديد من الأجزاء والمخطوطات القديمة والنادرة جداً.
اتباعاً لهذا النوع من التبشير في العالم فانهم يعتمدون على أنفسهم وليس على التبرعات أو المساعدات الخارجية بتاتاً. لا توجد لدى الرهبان أية أملاك شخصية أو خاصة، أما فائض مدخولاتهم فانها تكرس للتبرعات والمساعدات التي يقدمها الدير للمحتاجين. يقوم الدير برعاية 35 عائلة محتاجة من النصارى والمسلمين على حد سواء من منطقة بيت لحم على سبيل المثال. كما ويقوم الدير بدعم مدرسة واحة السلام الابتدائية.
عندما سئل الأب بول عن طرق نجاح العيش المشترك في الدير أجاب: عندما تظهر مشكلة معينة أكون دائماً هناك لمعالجتها وحلها. الحكمة هي أن لا ينظر الشخص الى زميله بل الى المشترك مع زميله. علينا النظر قدماً في نفس الاتجاه. ثم أضاف بأن الأوضاع الخارجية الصعبة أدت الى وقوف الجميع جنباً الى جنب والى التكتل معاً، كذلك فان الصمت الذي يمارسه الرهبان معظم الوقت يضفي عليهم السكينة ويمكنهم من رؤية الهدف المشترك. وفي الختام ركز الأب بول على أن أقصر الطرق للوصول الى الله هي عبر الانسان نفسه من خلال علاقته مع غيره من البشر.
في الختام، وبما أن قرية واحة السلام عبارة عن مجتمع صغير، لذلك فقد كان من الممتع الاصغاء الى الأب بول في محاولة للتعلم من خبراته في كيفية التعامل مع مركبات الأمور حتى ولو كانت قريتنا ذات طابع مختلف عن الدير.
في السنوات الأخيرة تعتبر علاقة واحة السلام مع دير اللطرون جيدة ومريحة. لقد عاد الأب بول وأكد دعمه من جديد للقرية وأهدافها وأنه يعمل بنفسه من أجل التقارب بين سكان المنطقة، كذلك فقد شاركنا بحلمه الذي يعمل جاهداً من أجل تحقيقه وهو بناء تمثالاً مشتركاً لكل من القديس برنارد وصلاح الدين الأيوبي وراشي(رابي شلومو بن يتسحاك) الذين صبغوا بعض أحداث القرن الحادي عشر.
قدم المشتركون شكرهم للأب بول وقام بعضهم بالتطرق الى مشاعر ومواقف عدة ومتنوعة.
على أمل أن يكون اللقاء الثاني في دير اللطرون وذلك بناءً على دعوة الأب بول شخصياً.